القائمة الرئيسية

الصفحات

2- الصلب المعالج بالحرارة: الأساطير والمفاهيم الخاطئة والحقائق

Place it anywhere in the page body. You can find more info here.

 2-الصلب المعالج بالحرارة: الأساطير والمفاهيم الخاطئة والحقائق

يعد تقسية الصلب عملية معدنية حاسمة لتحسين قوة ومتانة المكونات الفولاذية. إنها جزء أساسي في صناعة التصنيع، حيث تضمن أن قطع الصلب يمكنها تحمل الضغط الشديد ودرجات الحرارة المرتفعة والتآكل مع مرور الوقت. ومع ذلك، على الرغم من أهمية هذه العملية، لا يزال هناك العديد من الأساطير والمفاهيم الخاطئة التي تدور حول تقسية الصلب، مما يسبب الكثير من الارتباك بين المهنيين والأشخاص غير المتخصصين.


في هذه المقالة، سوف نتناول عملية تقسية الصلب، ونفند الأساطير الشائعة حولها، ونوضح الحقائق المتعلقة بها. سواء كنت محترفًا في مجال المعادن أو مبتدئًا في هذا المجال، ستساعدك هذه المقالة الشاملة على فهم كيفية عمل تقسية الصلب، وحدودها، ولماذا بعض المعتقدات حول هذه العملية غير صحيحة.

فهم تقسية الصلب

قبل تناول الأساطير والمفاهيم الخاطئة، من المهم أن نفهم ما هي تقسية الصلب ولماذا هي مهمة للغاية.

ما هي تقسية الصلب؟

تقسية الصلب هي عملية معالجة حرارية تهدف إلى زيادة صلابة الصلب من خلال تغيير هيكله البلوري. تتضمن العملية تسخين الصلب إلى درجة حرارة عالية، عادةً فوق درجة الحرارة الحرجة له، ثم تبريده بسرعة، غالبًا عن طريق التبريد في الماء أو الزيت أو الهواء. هذا التبريد السريع يؤدي إلى تحول في هيكل الصلب البلوري، مما يؤدي إلى تشكيل المارتنزيت، وهي مرحلة صلبة وهشة توفر القوة ومقاومة التآكل.

العناصر الرئيسية في تقسية الصلب:

  1. التسخين: يتم تسخين الصلب إلى درجة حرارة عالية (عادةً بين 780 درجة مئوية و 1220 درجة مئوية) ويتم تثبيت الصلب عند هذه الدرجة لتصبح كل المشغولة أوستنيتي، مما يعني أن هيكل الصلب يتحول إلى هيكل مكعب متمركز الوجه (FCC). اي حدث تحول من الشكل البلوري مكعب مركزي الجسم  (BCC) الي الشكل البلوري مكعب مركزي الوجه(FCC).
  2. التبريد السريع: يتم تبريد الصلب بسرعة، عادة باستخدام الماء أو الزيت أو الهواء او الملح المنصهر  أو البوليمر حسب نوع الصلب و يلعب معدل التبريد دورًا كبيرًا في تحديد خصائص الصلب بعد التقسية و في هذه العملية يتحول الصلب من الشكل البلوري مكعب مركزي الوجه(FCC) أو الاوستنيت. الي  منشور رباعي قائم مركزي الجسم  (BCT) , وهو ما يسمي بالمارتنزيت .
  3. المراجعة (التتطبيع): بعد التبريد السريع، يتم إعادة تسخين الصلب إلى درجة حرارة منخفضة والاحتفاظ به لفترة لتقليل الهشاشة وزيادة القوة. تسمى هذه العملية بالتخمير.

تعتمد نتائج تقسية الصلب على السبيكة المستخدمة ودرجة الحرارة المستخدمة في التسخين وطريقة التبريد. الهدف العام من هذه العملية هو تحسين قوة ومتانة ومقاومة التآكل للصلب، وهي خصائص حيوية للمكونات مثل التروس والمحاور وأدوات القطع.

الأساطير الشائعة حول تقسية الصلب

على الرغم من الاستخدام الواسع لتقسية الصلب، إلا أن العديد من الأساطير والمفاهيم الخاطئة لا تزال قائمة. دعونا نلقي نظرة فاحصة على بعض من أكثر هذه الأساطير شيوعًا.

الأسطورة 1:  تقسية الصلب تجعل الصلب دائمًا أقوى

إحدى المفاهيم الخاطئة الأكثر شيوعًا حول تقسية الصلب هي أنها تجعل الصلب أقوى تلقائيًا. بينما صحيح أن التقسية تزيد من صلابة الصلب، إلا أنها لا تجعله أقوى من جميع النواحي.

تقسية الصلب تزيد من صلابته عن طريق تشكيل المارتنزيت، ولكنها أيضًا تجعل المادة أكثر هشاشة. 

هذه الهشاشة يمكن أن تقلل من مرونة الصلب ومقاومته للصدمات، ونتيجة لذلك، قد يكون الصلب المقسى عرضة للتشقق أو الكسر في بعض الظروف.

لحل هذه المشكلة، يتم عادةً مراجعة الصلب بعد تقسيته. تشمل عملية المراجعة إعادة تسخين الصلب إلى درجة حرارة منخفضة (  180-650 ) درجة مئوية لتقليل هشاشته مع الحفاظ على معظم صلابته. هذا التوازن بين الصلابة والمرونة أمر حاسم لجعل الصلب قويًا ودائمًا.

الأسطورة 2:  التبريد في الماء دائمًا يؤدي إلى أقسى صلب

يرتبط التبريد في الماء عادةً بإنتاج أقسى صلب. على الرغم من أنه صحيح أن التبريد في الماء يمكن أن يحقق معدل تبريد سريع جدًا، إلا أنه ليس دائمًا أفضل طريقة للحصول على أقسى صلب.

الماء هو وسط تبريد سريع ليبرد الصلب بسرعة، مما يؤدي إلى تشكيل المارتنزيت. ومع ذلك، يزيد أيضًا من احتمال إدخال الاجهادات المتبقية أو التشققات أو التشوهات في الصلب. التبريد في الماء ليس مثاليًا لجميع أنواع الصلب وعادةً ما يُستخدم فقط  للصلب الكربوني وليس للسبائك وهو للتطبيقات التي تكون فيها الصلابة العالية مطلوبة ويكون خطر التشوه محدودًا.

بالنسبة للعديد من أنواع الصلب السبائكي، يُفضل التبريد في الزيت أو الهواء، او غيرها حيث توفر هذه الطرق معدلات تبريد أبطأ مما يقلل من خطر التشوه والتشقق. يعتمد اختيار وسط التبريد على سبيكة الصلب، الخصائص المطلوبة، والتطبيق المحدد.

الأسطورة 3:  يمكن تقسية الصلب دون الحاجة للمراجعة 

مفهوم خاطئ آخر هو أن التقسية وحدها كافية لتحسين خصائص الصلب. في الواقع، المراجعة هي خطوة حاسمة في عملية التقسية لا يمكن إغفالها إذا كان الصلب سيحقق التوازن المناسب بين الصلابة والمرونة.

كما تم ذكره سابقًا، تقسية الصلب ينتج عنها المارتنزيت، وهو صلب ولكنه هش أيضًا. تـتضمن المراجعة إعادة تسخين الصلب إلى درجة حرارة محددة (عادة بين 200°C و 650°C) لتقليل هشاشته وتحسين مرونته. 

خلال المراجعة ، يتم تحويل بعض المارتنزيت إلى مرحلة أكثر مرونة مثل الباينيت أو المارتنزيت المعالج.

بدون المراجعة، سيكون الصلب المقسى هشًا للغاية وعرضة للفشل تحت الضغط أو التأثير. لهذا السبب، تعتبر  المراجعة جزءًا أساسيًا من عملية التقسية لمعظم التطبيقات.

الأسطورة 4:  كلما كانت عملية التبريد أسرع، كلما كان الصلب أفضل

بينما قد يبدو من البديهي أن التبريد الأسرع يؤدي إلى تقسية أفضل، إلا أن هذا ليس دائمًا صحيحًا. يلعب معدل التبريد أثناء التبريد دورًا مهمًا في تحديد صلابة الصلب وتركَيبه البلوري. ومع ذلك، يمكن أن يؤدي التبريد السريع بشكل مفرط إلى مشاكل مثل التشققات، التشوهات، والاجهادات المتبقية.

على سبيل المثال، التبريد في الماء أسرع من التبريد في الزيت أو الهواء، لكنه أيضًا أكثر عرضة لإدخال مشاكل مثل التشققات والتشوهات. أفضل طريقة للتبريد تعتمد على نوع الصلب والصلابة المطلوبة.

من المهم أن نلاحظ أن معدل التبريد يحتاج إلى ضبط دقيق لتجنب التشوه الزائد وفي نفس الوقت تحقيق الصلابة المطلوبة. بعض أنواع الصلب تتطلب تبريدًا أبطأ لتحقيق أفضل النتائج، خاصة إذا كانت الأجزاء كبيرة أو معقدة.

الأسطورة 5:  يمكن تقسية الصلب باستخدام أي فرن

ليس كل الأفران مناسبة لتقسية الصلب. يتطلب الأمر نوعًا محددًا من الأفران يعرف بـ أفران المعالجة الحرارية لتحقيق درجات الحرارة العالية اللازمة لتقسية الصلب. تم تصميم هذه الأفران لتوفير تحكم دقيق في درجات الحرارة، وتوزيع حرارة متساوٍ، وأجواء مناسبة لعملية التقسية.

 

على سبيل المثال، يستخدم الفرن الفراغي  Vacuume Furnace في كثير من الأحيان لتقسية الصلب في بيئة منخفضة الأوكسجين. هذا يقلل من خطر الأكسدة ويضمن أن الصلب خالي من الملوثات التي قد تؤثر على خصائصه.

 

ويمكن استخدام أفران حمام الملح المنصهر  Salt bath Furnace حيث يضمن تسخين متجانس لكل قطع المشغولات ويقلل من التشوه ويقلل من احتكاك سطح المشغولات بالاكسجين مباشرة.

في المقابل، قد تؤدي الأفران التقليدية التي تعتمد على الهواء أو الغازات الجوية الأخرى إلى حدوث أكسدة، مما يضعف الصلب ويقلل من فعالية عملية التقسية. بالنسبة لبعض أنواع الصلب عالية الأداء، مثل تلك المستخدمة في الصناعات الجوية أو الطبية، يعد استخدام فرن الفراغ أمرًا أساسيًا.

 

الحقيقة حول تقسية الصلب: ما يجب أن تعرفه

الآن بعد أن قمنا بتفنيد بعض الأساطير، دعونا نركز على حقيقة تقسية الصلب والعوامل التي تؤثر على هذه العملية حقًا.

1. أنواع الصلب المختلفة تتطلب طرقًا مختلفة للتقسية

ليس كل الصلب متشابهًا، وكل نوع من الصلب يتطلب نهجًا مختلفًا للتقسية. هناك العديد من العناصر السبائكية (مثل الكربون، الكروم، والفاناديوم) التي تؤثر على قابلية التصلب والاستجابة للمعالجة الحرارية.

على سبيل المثال، الصلب عالي الكربون أسهل تقسية من الصلب منخفض الكربون لأنه يحتوي على نسبة كربون أعلى، مما يعزز تشكيل المارتنزيت أثناء التبريد السريع. من ناحية أخرى، قد يتطلب الصلب المقاوم للصدأ  و صلب العدة أساليب خاصة لتقسيته نظرًا لتركيبهم الكيميائي المختلف. 

قد يتطلب الصلب المقاوم للصدأ درجات حرارة مرتفعة أكثر خلال التقسية لتجنب تأثيرات الانحلال أو التغيرات في هيكل المعدن، في حين أن صلب العدة يحتاج إلى معالجة دقيقة لتحسين خصائصه الميكانيكية واحتفاظه بالصلابة والمرونة معًا.

2. الوقت ودرجة الحرارة عاملان حاسمان

نجاح عملية تقسية الصلب يعتمد على الجمع بين الوقت ودرجة الحرارة. فكلما كانت درجة الحرارة أعلى، زاد تأثير التقسية، ولكنها تحتاج أيضًا إلى الوقت الكافي لكي يتم تحويل الهيكل البلوري إلى الشكل المرغوب فيه. 

من جهة أخرى، إذا لم يتم توفير الوقت الكافي للوصول إلى هذه الدرجات، قد لا يحدث التحول التام، مما يؤدي إلى خصائص غير مرغوب فيها مثل الهشاشة أو نقص القوة.

 https://youtu.be/UpBGm06s0P0?si=SW765bg7MmmP-NkU

لهذا السبب، يجب على كل متخصص في المعالجة الحرارية أن يكون على دراية شديدة بوقت التسخين ودرجات الحرارة المثلى لكل نوع من أنواع الصلب. قد يؤدي التقليل من وقت التسخين إلى تقليل فعالية التقسية، بينما قد تؤدي الزيادة في الوقت إلى تغيير خصائص أخرى غير مرغوب فيها.

3. المراجعة جزء لا يتجزأ من العملية

كما ذكرنا سابقًا، المراجعة ليس مجرد خطوة إضافية، بل هو عملية أساسية تساهم في تحسين خصائص الصلب بعد التقسية. الهدف من المراجعة هو تخفيف الضغوط المتبقية الناتجة عن عملية التقسية، مما يقلل من هشاشة المادة ويزيد من قوتها. المراجعة يوفر التوازن بين الصلابة والمرونة، وهو أمر ضروري لأداء الصلب في التطبيقات التي تتطلب مقاومة للتأثيرات والصدمات.

 

إن التغاضي عن هذه العملية قد يؤدي إلى صلب هش للغاية، وهذا بدوره يعرض المكونات المصنعة للتلف السريع في البيئات القاسية مثل الصناعات الثقيلة أو الأدوات عالية التحمل عند التحميل بالعمل .

4. الاجهادات المتبقية

الاجهادات المتبقية هي من المشكلات التي قد تظهر بعد تقسية الصلب بسبب التبريد غير المتكافئ أو السريع للغاية. هذه الاجهادات قد تؤدي إلى تشققات في المكونات مما يؤثر على أدائها بشكل كبير. يمكن تقليل الضغوط المتبقية من خلال اختيار سرعة التبريد المناسبة، أو من خلال التقنيات المتقدمة مثل المعالجة الحرارية باستخدام الغازات أو الفراغ لتقليل التفاعل مع الأوكسجين والملوثات الأخرى.

5. الابتكارات في تقنيات المعالجة الحرارية

على مر السنوات، تطورت تقنيات تقسية الصلب بشكل كبير، بما في ذلك استخدام الأفران المتقدمة مثل أفران المعالجة الحرارية بالفراغ تحت ضغط معين والأفران التي تعمل بتقنيات الغاز. هذه التقنيات تعطي تحكمًا دقيقًا في درجة الحرارة، مما يساهم في تقليل العيوب المحتملة التي قد تحدث خلال عملية التقسية.

 كما أن التبريد المتقدم باستخدام الغازات أو الزيت يوفر بديلاً أفضل من الماء، مما يقلل من التأثيرات السلبية على جودة المادة.

واخيرا نقدم لك عزيزي القارئ

 التصحيح وتحقيق الأداء الأفضل

إن تقسية الصلب عملية معقدة تحتاج إلى عناية خاصة ودقة في تنفيذ كل خطوة. بينما تتمحور الكثير من الأساطير حول التبريد السريع أو الحاجة إلى تقسية بدون المراجعة ، فإن الحقيقة هي أن تقسية الصلب هي عملية متكاملة تتطلب التحكم في الحرارة والوقت بشكل دقيق لضمان تحقيق أفضل خصائص ممكنة للمادة. 

يجب على المتخصصين في المعالجة الحرارية أن يكونوا على دراية كاملة

بتأثيرات كل خطوة في العملية على المدى الطويل لضمان أداء عالي للمكونات في تطبيقات مختلفة.

إن إغفال هذه العمليات قد يؤدي إلى صلب هش أو ضعيف الأداء في التطبيقات التي تتطلب دقة ومتانة عالية. وبالتالي، فإن فهم الأساسيات والتقنيات الحديثة في تقسية الصلب يساعد على تجنب الأساطير وتحقيق أفضل النتائج في الإنتاج والصناعة.

author-img
Chemical Engineer I am a chemical engineer with experience in the fields of heat treatment of metals, manufacturing of tools, and characterization of different materials. I am also interested in the characterization of herbs for public health. .

تعليقات